الأستاذ جورج حواتمة المحترم
رئيس تحرير"الرأي" الغراء
أسعد الله أوقاتك،
قــــرأت باهتمـــام واستغراب شديديــــن التعليق السياسي لصحيفة "الـــرأي" في عددها المؤرخ 6/9/2001، والمتعلق أساساً بمقابلة صحفية أجريت معي ونشرتها صحيفة "الدستور" قبل أيام.
وأطلب من أخي الكريم أولا، قراءة المقابلة كاملة، وليس العناوين التي لا تعكس فحوى المقابلة؛ والحكم على كلامي من منطلقات ومواقف وخلفية جورج حواتمة التي نعرفها، والتي مارسها وقدمها للقراء عبر سنوات طويلة، من خلال منابر عديدة، وألا تقدم للقراء رأياً سياسياً تمليه عليك ضرورات خارجة عن نطاق ذلك. فـ"الرأي" هي الصحيفة الأولى في الأردن، ويجب أن ترتفع دائماً إلى تلك المراتب المهنية والأخلاقية والوطنية التي عرفناها عنها وحافظت عليها.
من منطلق الأخوة والتماثل الفكري، اسأل ضميرك: هل يمكن لك وصفي بـ"الأصوات من هنا وهناك"، وممن يقومون بـ"إحياء الفزعات والأوهام"؛ وأنني أروج لـ"أراجيف وشائعات مغرضة"؛ وأنني من الناس الذين لهم "أوهام وأجندات معروفة أهدافها"، وأنه لن يخيف الأردن "سعي البعض للترويج بضاعة الوطن البديل الكاسدة وإسطوانة الترانسفير المشروخة"؟! هل أنا ذلك الشخص كما عرفته يا صديقي؟!
في مقابلتي تلك، قدمت تحليلاً بشأن الأوضاع في فلسطين، وشرحت من وجهة نظري مخطط حكومة آرييل شارون وأهدافها. وقلت إن الفلسطينيين قصروا في نقطتين: الأولى، شرح ما جرى في كامب ديفيد.والثانية، عدم التركيز على أن إسرائيل دولة محتلة، وأن على الفلسطينيين التفريق بين مقاومة الاحتلال ومقاومة إسرائيل. وخلصت إلى القول إن عدم وجود موقف عربي سياسي فاعل وضاغط بشكل حقيقي، سوف يمكّن شارون من تحقيق أهدافه في فلسطين، والموقف العربي هو الضمانة الأكيدة لإيقاف شارون عند حده، ومطلوب من الدول العربية، وعلى رأسها الأردن، أن تقوم بذلك بأسرع وأوضح وأقوى ما يمكن. وعلينا أن نكون رأس الحربة في هذا التحرك السياسي، لأن الأمن الوطني الأردنــي مهدد، ويسعى شارون من خلال ضربه للانتفاضة وتصفيته للقيادات الفلسطينية وتدمير البنية التحتية، إلى طرد السكان وإنشاء الوطن البديل. وأشرت في المقابلة إلى أهمية الدعم العربي الحقيقي للانتفاضة في أكثر من موقع، وكررت كلمة "إذا" أكثر من مرة.
أين تختلف معي في هذا التحليل أيها الصديق الهمام؟ ألا تعرف أن شارون يردد دائماً، في مناسبات علنية، أن ما يقوم به هو استمرار "لحرب الاستقلال"؟ ألا تعني هذه العبارة أن حرب الاستقلال لم تنته بعد، ولن تنتهي إلا بعد استكمال ابتلاع فلسطين وطرد سكانها؟ لقد حدث تهجير وترانسفير قسريان لمئات الألوف من الفلسطينيين في العام 1948، انتشروا في الأقطار المحيطة. وخرج من الكويت في العام 1990 حوالي 400 ألف أردني خلال أسابيع. كما أن نوعاً من الترانسفير حدث خلال العشرة أعوام الأخيرة في كل بقاع العالم، بسبب صراعات إثنية؛ في كل دول البلقان، والعديد من الدول الإفريقية، وفي أرمينيا وبعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وكل هجرة أو ترانسفير توفرت لها ظروف وعوامل محلية وإقليمية ودولية مختلفة، لكنها في نهاية المطاف تمت وحدثت.
ألم تسمع يا صديقي، شارون يعلن وحتى بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، أن الأردن هو وطن الفلسطينيين؟ ألم يمارس بنيامين نتنياهو هذه السياسة عندما كان رئيساً للوزراء؟ ألم تسمع ما قاله (الصديق) إيهود باراك قبل أسابيع، حين طالب بإنشاء دولتين في شرق الأردن؟ وكلام بهذا المعنى تفوه به شارون أمام الإدارة الأميركية، فهل من الممكن لأي إنسان أن يدعي أن مثل هذا المخطط غير موجود؟
أليس من حقي يا جورج أن أفضح خطط شارون، وأن أنبه إلى الخطر الذي يمثله على الأردن؟ أنا لم أقل إن الوطن البديل أمر حتمي وقائم، وبالتأكيد لم أدع له؛ بل حذرت من أن التقاعس العربي وترك الفلسطينيين وحدهم، يسهلان لشارون واليمين الإسرائيلي تحقيق أهدافهما، ومن ضمنها الترانسفير.هل تختلف معي في هذا أيها الصديق؟!
رفقاً يا أخي بالناس الذين لديهم رأي وموقف، وعندهم وضوح في الرؤية، وتصميم على العمل الوطني البعيد عن التحزب والمصالح الخاصة.