سياسي يتذكر الحلقة الثامنة عشرة
8 ايار 2014
المصري: عارضت وعبيدات وبدران أمام الملك إغلاق مكاتب حماس
محمد خير الرواشدة
عمان – فيما يواصل رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري سرد ذكرياته السياسية، على طول مسيرته في العمل العام، التي تجاوزت الـ45 عاما متواصلة، يبدأ اليوم الكشف عن بعض التفاصيل التي واجهت الملك عبدالله الثاني في أول عهده.
ويكشف المصري في حلقة اليوم، بعضا من تفاصيل غداء سياسي، على شرف جلالة الملك في منزل رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران، وكيف جرى هناك حوار سياسي ساخن حول مسألة إغلاق مكاتب حماس في عمان، وإبعاد قادتها، وكيف أن بعض الجالسين خالف القرار أمام الملك.
ويؤرخ المصري منذ ذلك اللقاء الذي حرص الملك على عقده بشكل دوري في منازل رؤساء الحكومات السابقين، بأن "بعض البطانة" بدأت تؤثر في إقصاء المخالفين للرأي والقرار الرسمي، وبدأ التعامل معهم كمعارضة، وهو ما أثر على علاقة المصري وغيره من رؤساء الحكومات السابقين بالقصر.
ويقول: "قد يكون هناك من استثمر ذلك الموقف، لإبعادنا عن لقاءات جلالة الملك لاحقا، وتحديدا من قبل الرجال العاملين حول جلالته، وأذكر بأنه، بعد لقائنا في منزل بدران هذا، انقطعت سلسلة لقاءات الملك بنا لفترة طويلة".
ويلمح المصري في حلقة اليوم لتاريخ تصدع العلاقة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين.
ويتابع المصري كيف أن قرار إغلاق مكاتب حماس في عمان، وإبعاد قادتها العام 1999 كان سببا جديدا في توتر العلاقة بين الأجهزة الرسمية في الدولة مع الاخوان، وهي العلاقة التي ظلت متشنجة ومتوترة.
وكان المصري وصف في حلقة أمس كيف استقبلت المملكة خلال مراسم تشييع جثمان الحسين، وعلى مدى أيام العزاء، حشدا أمميا في "جنازة العصر"، من دون وقوع أي خطأ، ومن دون أن يهدد أي خطر حياة أي ملك أو زعيم أو رئيس حضر الجنازة. وزاد في وصف جنازة الراحل رحمه الله؛ بـ"القمة الدولية، التي لم يتغيب عنها سوى الذين حالت ظروفهم القاهرة دون الوصول لها".
مستهلا الحديث عن بدء مرحلة العهد الجديد، مرحلة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، بعد تسلمه سلطاته الدستورية، وكيف بدأت علاقة المصري بالملك الشاب.
واليوم يوضح المصري بعض تفاصيل السجال الإعلامي الذي دار بينه وبين رئيس الوزراء الأسبق علي أبوالراغب، على الرغم من الشراكة السياسية التي جمعتهما في الحكومات ومجلسي النواب الحادي عشر والثاني عشر، ويؤكد بأن مواقفه لم تكن مواقف شخصية من أبوالراغب، بالقدر الذي كانت فيه تحمل النصح والمشورة لمراكز القرار، التي ابتعد عن لقائها تلك الفترة.
كما يتحدث المصري اليوم عن جوهر ومضمون مواقفه السياسية التي عبّر عنها من خلال كتابة المقالات الصحفية في وسائل الإعلام المحلية، موضحا بأنه إذا اختلف مع قرار أو موقف أو سياسة لأي حكومة، فهذا لا يعني بأنه معارِض، ويدافع بالقول: "لست من هواة نقل البنادق بين الأكتاف، وإنني موالٍ، وأنا جالس على كرسي المسؤولية، ومعارض إذا غادرتها".
وفيما يلي التفاصيل:
- ما نزال في مرحلة تقييمك لمرحلة تسلم الملك عبدالله الثاني للحكم العام 1999. وقد قام جلالته في أول عهده بزيارة رؤساء الحكومات في منازلهم، وتناول عندهم طعام الغداء، وكانت لفتة كريمة منه، كما كانت هذه اللقاءات سياسية بامتياز؟
-صحيح؛ وفعلا كانت هذه اللقاءات فرصة ممتازة، لحوار جلالة الملك، والتعرف على طرق إدارته لشؤون البلاد، والأفكار التي يحملها. كنا وباستمرار نحاول أن نتعرف على الملك عبدالله الثاني أكثر، خلال تلك اللقاءات، كما أن المحاور والطروحات التي كان يتحدث بها كانت مقبولة، وحظيت بدعمنا جميعا، فلا أحد منا كان يختلف على خطط الإصلاح ومساراته وضرورة الإسراع بخطواته، واعتبرنا ذلك جزءا مهما في دعم العهد الجديد، وقد اجتهدنا في دعم رؤى جلالته من خلال لقاءاتنا الاجتماعية في المناسبات المختلفة، وحملنا رؤى الملك الشاب لفئات التقيناها وكانت تسأل باستمرار عن طبيعة العهد الجديد، وماذا سيحمل من التغيير.
لكن، عندما تم إغلاق مكاتب حماس في عمان وإبعاد قادتها (العام 1999)، وكنا على موعد مع جلالة الملك، على الغداء في منزل مضر بدران، ذهبنا يومها إلى هناك، وانتظرنا وصول جلالته، وبدأنا نتحدث بشؤون عامة، حتى وصلنا لجزئية إغلاق مكتب حماس. وكنا نتحدث بحضور رئيس الوزراء، وقتها،
عبد الرؤوف الروابدة، ومدير المخابرات سميح البطيخي، فدار حوار عاصف، وكنا، أنا وأحمد عبيدات، قد خالفنا الموقف الرسمي بإغلاق مكاتب حماس وإبعاد قادتها، وكان آخر المتحدثين مضر بدران وساندنا في الرأي.
كان موقفي من القرار، هو أننا تعاملنا مع حركة "فتح" في ثمانينيات القرن الماضي وكانت تلك الفترة استمرارا لاضطراب العلاقة بيننا وبينهم، واستطعنا التأثير عليها، حتى تمكنا وجئنا بأبي عمار شريكا لنا، في البحث عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وكان هو، وحركة فتح وقتها، مقاومة مسلحة، وكانوا بنظر إسرائيل وحلفائها حركة إرهابية وكانت نشاطاتهم ممنوعة.
وحاولنا أن نُذكّر جلالة الملك، بأننا في الأردن نحافظ دائما على شعرة معاوية، مع الأطراف جميعا، ونحاول استثمار مواقفنا المعتدلة في الأزمات، حتى يتسنى لنا التعامل مع الجميع من دون أي آثار جانبية سلبية، عند اتخاذ المواقف الحادة، تجاه طرف دون آخر، وهو ما يحمي مصالحنا الوطنية العليا مع الجميع بالدرجة الأولى.
وأظن بأن عبيدات أخذ وعدا من جلالة الملك، بأن لا يتم إبعاد قادة حماس مباشرة، بل أن ينتظر حتى ينتهي جلالته من زيارته التفقدية إلى شمال البلاد.
باعتقادي، بأن ذلك اللقاء حمل بعض التباين في المواقف والاجتهادات، على الأقل بيننا، كمتحدثين، وجلالة الملك، ولم يكن بظننا بأن هذا الأمر غير صحي، بل على العكس، فقد كان باعتقادنا بأن الملك يستفيد دائما من تعددية آراء رجالاته، وهو ما يثري القرار السياسي، بمزيد من الحكمة والتحوط في الرد على أي موقف مناقض أو مخالف لما توصل له مركز القرار من قرارات وسياسات.
قد يكون هناك من استثمر ذلك الموقف، لإبعادنا عن لقاءات جلالة الملك لاحقا، وتحديدا من قبل الرجال العاملين حول جلالته، وأذكر بأنه، بعد لقائنا في منزل بدران هذا، انقطعت سلسلة لقاءات الملك عبدالله الثاني بنا لفترة طويلة.
- هل شكل ذلك القرار، عاملا إضافيا في توتر العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي؟
-لاشك. فالإخوان المسلمون في الأردن وحماس قريبان من بعضهما، وهما ملتفان على مبدأ وموقف واضح، فهما يريدان مقاومة الاحتلال بكل السبل الممكنة والمتاحة، ويريدان حفظ أمن ونظام الأردن، ويرفضان الوطن البديل، وطروحات المتطرفين الإسرائيليين بشكل حاسم وقاطع، ولا يقبلان بأي حل للقضية الفلسطينية على حساب الكيان الأردني.
في ذلك الوقت، اعتبر الإسلاميون بأن قرار إغلاق مكاتب حماس في عمان، هو قرار ضدهم أيضا. طبعا كانوا هم أصلا بعيدين عن المشهد السياسي، بحكم مقاطعتهم لانتخابات مجلس النواب الثالث عشر، العام 1997، التي جرت بموجب قانون الصوت الواحد.
لذلك، يمكن اعتبار ذلك القرار سببا جديدا في توتر العلاقة بين الأجهزة الرسمية في الدولة مع الاخوان المسلمين، وهي العلاقة التي ظلت متشنجة ومتوترة، منذ عهد حكومتي، بعد أن خرج الإسلاميون من حكومة مضر بدران، ليدخلوا في مواجهة صعبة ضد حكومتي، فقد كانوا نوابا معارضين، ولهم تأثيرهم على المجلس، ولم يكن سهلا التعامل معهم. يمكنني القول هنا، بأن أول موقف يمكن تسجيله في تاريخ تصدع العلاقة بين الإخوان والدولة، هو كتاب التكليف الملكي لي بتشكيل الحكومة، والذي احتوى، كما تعلم؛ على نقد صريح وواضح من قبل الراحل الحسين لهم، إبان مشاركتهم في حكومة مضر بدران، ومحاولتهم التأثير على وزارات التربية والتعليم والأوقاف والتنمية الاجتماعية، وخطف التعليم والمساجد لصالح خطابهم السياسي.
- بعد حكومة الروابدة، جاءت حكومة علي أبوالراغب، صاحب أطول فترة بقاء في رئاسة الحكومة في عهد الملك عبدالله الثاني حتى اليوم. كيف تعاملتم معها، وكيف تقيّمون طول وقصر عمر الحكومات في تجربتنا السياسية؟
-لسنا من يقرر كيفية التعامل مع الحكومة، فأنا وقتها كنت خارج العمل السياسي، من موقع المسؤولية، وكنت ناشطا في مجالات اجتماعية وسياسية، لا تتعدى كتابة المقالات الصحفية والمشاركة في الندوات وورش العمل. وقد كان ابراهيم عزالدين وقتها رئيسا لمنتدى شومان الثقافي، وكان يدعونا باستمرار للمنتدى، كمحاضرين أو معقبين ومشاركين.
لكن ما استطيع قوله، هو أن حكومة أبوالراغب مثلت أفكار جلالة الملك عبدالله الثاني، خاصة في المجالات الاقتصادية، ولهذا السبب بقيت حكومته في السلطة والحكم أطول من أي وزارة وحكومة أخرى.
كان المأخذ على حكومات أبوالراغب أنها بالغت في إصدار القوانين المؤقتة، وذلك كنتيجة لتعطيل البرلمان لمدة عامين، بسبب الظروف السياسية التي مرت بها البلاد.
صحيح أن حكومة أبوالراغب أنجزت تشريعات جيدة، وأخذت خطوات اقتصادية جيدة، واستمر الإعجاب بالحكومة لفترة طويلة، لكن ظل المأخذ عليها هو مبالغتها في إصدار القوانين المؤقتة.
وجاء التعديل الدستوري الأخير بالتقييد على الحكومات، بإصدار القوانين المؤقتة، نتيجة التجربة التي مرت بها البلاد زمن حكومة أبوالراغب، وصار لا بد من وضع الضوابط على مثل هذه الحالات في الدستور.
لكن أقولها بصراحة، فقد حاول أبوالراغب أن يمارس صلاحياته كرئيس للحكومة، ونجح في حدوث الممارسة جزئيا، وليس في الممارسة نفسها، وهذا يُسجل له.
- كانت لك مواقف من حكومة أبوالراغب، وقد توترت العلاقات بينك وبينه، على الرغم من مشواركما السياسي النيابي الوزاري، الذي بدأ بوقت واحد تقريبا، وقد شهدت الساحة السياسية سجالات إعلامية بينكما؟
-بداية أقول: هي ليست مواقف شخصية، بل مواقف من سياسات حكومية، وقد كان أبوالراغب يتابع تصريحاتي بدقة، ويبادر للرد على أي تصريح أو مقال يصدر عني. أنا لم أهاجمه، ولم أهاجم حكومته، لأن هذا ليس من طبعي أولا، ثم لأنني لست مطلعا على تفاصيل القرارات الرسمية ذلك الوقت.
ولك أن تعود لمقالات كنت قد كتبتها في الصحف اليومية، وأعدت نشرها على موقعي الالكتروني، ومن أهم تلك المقالات، التي نشرتها زمن حكومة أبوالراغب، تلك التي جاءت تحت عنوان "هل فقدت الدولة الأردنية البوصلة"، وسجلت فيها ملاحظات نقدية عامة وليست شخصية، لكن أبوالراغب بادر بعدها للرد عليّ في مقابلة تلفزيونية، أجريت معه للتعليق على مضامين المقالة الصحفية.
كما نُشر لي لقاء صحفي في صحيفة الدستور، فنّدت فيه مخاوف الوطن البديل، ففوجئت بأن أبوالراغب يشن بعدها هجوما على المقابلة، وما جاء فيها، فبعثت له برسالة سجلت فيها استغرابي من تصريحاته حول مقابلة لم يقرأ مضمونها كاملا، ولم يجتهد في إكمال الرسالة، التي أردت أن أبعث بها لإسرائيل، والاحتلال، وليس للحكومة الأردنية ورئيسها.
وقد قلت له: "طالعت باهتمام واستغراب شديدين تصريحاتكم، التي أذاعها التلفزيون الأردني أمس، ونشرتها الصحف اليوم، ردا على مقابلة صحفية نشرت لي في جريدة الدستور قبل أيام، ولابد أن وزن وأهمية تصريحاتي وأثرها في الساحة السياسية، قد تطلب منك أن ترتب لقاء مع التلفزيون لترد عليّ". وأكدت له بأن رده جاء بالاتجاه الخطأ، فقد قدمت تحليلا حول الأوضاع في فلسطين، وشرحت من وجهة نظري مخطط حكومة شارون وأهدافها، كما فندت قوله بأني أتبنى مفهوم الوطن البديل، بغرض إثارة القلاقل في الأردن، وأنني أروج للمخطط الإسرائيلي للضغط على الأردن، وهو ما اعتبرته أمرا كبيرا وكبيرا جدا، وخاطبته بالقول "لو قرأت المقال كاملا وليس العناوين فقط، لما وصلت لهذه النتائج".
أعلم أن هذا الكلام جاء قاسيا في لغة التخاطب بين زميلين، تشاركا في السلطة التشريعية والتنفيذية، لكن في تلك الظروف كان لا بد أن يكون الكلام واضحا ومبدئيا، خصوصا وأن إساءة فهم رسالة السياسي، ستتسبب بالضرورة بمشكلة، ليس للسياسي فقط؛ بل للرأي العام الذي يلاحظ ويراقب ويتابع ويتأثر.
- توقفنا في محطة من المحطات، بعد ابتعادك عن مواقع المسؤولية؛ منذ التصويت على قانون معاهدة السلام، وشعورك برغبة مراكز القرار بإقصائك عن المواقع الأساسية، بأنك لجأت لكتابة المقالات في الصحف، ألم تكن تخشى من زيادة سخط تلك المراكز عليك؟
-لا؛ وهذا جواب أقوله مطمئنا، ومن دون تفكير، لأنه جواب حقيقي، فأنا، وإن اختلفت مع قرار أو موقف أو سياسة لأي حكومة، فهذا لا يعني بأني صرت معارضا، أسعى لتخريب الوطن، أو أني من هواة نقل البنادق بين الأكتاف، أو أني موالٍ، وأنا جالس على كرسي المسؤولية، ومعارض متى غادرتها.
كتبت تلك المقالات انطلاقا من رغبتي بتوصيل فكرة أو رسالة، أو نصيحة، حالت الظروف بيني وبين إيصالها لرأس الدولة، بشكل مباشر وصريح، وهذا واجب السياسي المُخلص والأمين على مصالح وطنه وقيادته وشعبه. كما كان عندي، ولا يزال شعور بالمسؤولية، تجاه الرد على أي مغالطة يقترفها مسؤول حكومي، سواء عبر الإعلام أو حتى في المجالس المغلقة.
وسأقولها لك بصراحة، ويمكنك العودة إلى موقعي الالكتروني على شبكة الانترنت، الذي وضعت عليه جميع مقالاتي، والمقابلات الصحفية التي أجريت معي، وخطاباتي منذ العام 1996 وحتى اليوم، وكل المحاضرات التي شاركت فيها بأوراق عمل مكتوبة، وهي تحمل ذات المضمون والمبادئ والثوابت، التي ما تغيرت منذ أول عهدي بتحمل شرف ومسؤولية العمل العام سنة 1973.
كتبت في احدى المرات، ردا على رأي سياسي، أبداه عبد الهادي المجالي، عندما كان وزيرا في حكومة عبد الكريم الكباريتي، وقد بينت له مواضع الخطأ الكبير في تصريحاته، خلال المحاضرة.
كما بعثت الرسالة، التي تحدثت عنها سابقا، لعلي أبوالراغب، عندما كان رئيسا للحكومة، وبينت له حقيقة موقفي من الدعوات الخبيثة، التي ما يزال يُطلقها اليمين الإسرائيلي المتطرف حول الوطن البديل، والتعريف بالسياسات الإسرائيلية الظالمة والمُجحفة بحق الفلسطينيين.
كما استخدمت ذات الأسلوب مع رئيس الوزراء الحالي عبدالله النسور، عندما كتب أحد كتاب الصحف اليومية، مقالا أساء فيه للوحدة الوطنية، وطلبت منه أن يأخذ إجراء ضد أي ممارسة إعلامية، قد تتسبب في حدوث فتنة لا سمح الله، وهو أمر لم نعهده في مجتمعنا، فنحن مجتمع نشأ على الوحدة الوطنية بالفطرة، وتمسك بها عن قناعة ومصلحة، وأرادها جسرا نعبر منه كل التحديات، التي واجهتنا منذ عهد تأسيس الإمارة، وحتى يومنا الذي نعيش، لذلك؛ لا أقبل المساس بمبدأ وطني بحجم الوحدة الوطنية، التي كانت وماتزال وستظل صمام أماننا واستقرارنا، وهي التي تغذي مفهوم السلم الأهلي، بكل القيم العظيمة، التي يحتاجها هذا المفهوم الاستراتيجي في علم المجتمعات.
وإن أردت التعرف أكثر على مجموعة القيم التي نشأت عليها، وتطورت في ذهني عبر مشواري السياسي وتراكم خبرتي؛ فلك أن تعود إلى خطابي الذي ألقيته في حفل التكريم الذي أقامه رئيس مجلس الأعيان عبد الرؤوف الروابدة، مشكورا في نادي الملك الحسين (بعد مغادرة رئاسة مجلس الأعيان قبل أشهر)، وهو خطاب يُلخص جملة مواقفي ومبادئي السياسية في قضايا أعتبرها ثوابت عندي، وهي: رفض الفتنة ومقاتلة مفتعليها، والوحدة الوطنية التي أعتبرها صمام أمان البلاد، ورفض كل المشاريع الإسرائيلية، التي يروجون لها على حساب الأردن، نظاما وأرضا وشعبا. وحددت بشكل لا لُبس فيه؛ وبإيمان عميق، هويتي وانتمائي، وأنني لن أساوِم على المصلحة الوطنية الأردنية، ولن أقبل تهديد وطننا ونظامنا ومكونات شعبنا، وذلك مثلث الثوابت وجوهره ونقطة ارتكازه.
تلك مسؤوليتي السياسية، التي تحملتها عن سابق تصميم ورغبة وإرادة، وعبّرت عنها في جميع المواقع التي كنت فيها، ولن أقبل أن يغمز أحد من قناة مبادئي الوطنية، وإيثاري في تقديم المصلحة الوطنية على أي مصلحة شخصية مهما غلا الثمن.