بِسمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيم
وما توفيقي إلّا بالله
صَدَقَ اللهُ العَظِيم
بيان إنتخابي للمواطنين الكرام
من
طاهر المصري
المرشح عن الدائرة الثالثة
محافظة العاصمة
مجلس النواب الاردني
دورة الحادي عشر
1993
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي المواطنات، إخواني المواطنين
مرة أخرى نشترك جميعاً في مهمة عظيمة وجليلة تهدف إلى رسم معالم مستقبل وطننا الغالي، فبعد نحو أربع سنوات على عودة الحياة النيابية الحرة إلى بلدنا، نعود معاً من جديد، ناخبين ومرشحين لتحمل مسؤوليتنا في التصدي لتحديات المرحلة الجديدة المقبلة، والتي تواكب التغيرات العميقة والخطيرة التي طرأت على وطننا العربي والعالم من حولنا، فهذه التغيرات آخذة في إلقاء أعبائها الثقيلة علينا وعلى وطننا الصغير وأمتنا الكبيرة، مما يتطلب أقصى درجات الحنكة والتعاون الجاد والرؤية الثاقبة والخبرة المتمرسة من أجل العبور ببلدنا وأمتنا هذا المسار الصعب بمنعطفاته الخطرة.
إن المرحلة المقبلة بكل تحدياتها تتطلب منا جميعاً، ناخبين ومرشحين، التمتع بإرادة أشد مضاءً، وتصميماً وأوفر عزماً للعمل من أجل مواصلة عملية بناء وطننا، ليكون وطن الجميع على قدم المساواة، وطن الحرية والتقدم والمنعة، عمادة سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية الحديثة والمواطن السيد الحر، وبقدر ما يجب أن تسهم الانتخابات العامة الجديدة في ترسيخ دور مجلس النواب، باعتباره حجر الأساس للسلطة التشريعية الرقابية، فإنه يجب النظر لهذه الانتخابات باعتبارها جزءًا من معركة تجذير الديمقراطية وترسيخ المؤسسية في وطننا الغالي، وفرصة لا تعوض لتأكيد العزم على التقدم بمجتمعنا إلى الأمام. من هذا المنطق، فإنني أعود لخوض معركة الانتخابات، معكم وإلى جانبكم، أنتم جميعاً على اطلاع ودراية بملفي العملي والسياسي خلال الفترة الماضية، ومما لا شك فيه أنكم خبرتم مواقفي وطروحاتي من خلال ممارستكم الرقابة على نواب الشعب، وهو حق ثابت من حقوق المواطن.
إن هذه المواقف معروفة ومشهودة، ومن هذا المنطلق فإنني أعود وأجدد التزامي أمامكم بتحقيق البرنامج التالي:
أولاً: ترسيخ الديمقراطية وتأكيد وتكريس المفاهيم التي أجمع عليها الشعب فــي الميثاق الوطني الأردني، من خلال استكمال بناء مؤسسات المجتمع المدني وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية، واحترام حقوق الإنسان الأردني في إطار دولة القانون والتعددية السياسية، إن هذا يتطلب تطوير التشريعات القائمة وإشاعة المناخ السياسي الصحي لترسيخ تقاليد العمل المؤسسي، السياسي والاجتماعي والمهني والشعبي، وتمتين جسور الثقة بين المسؤول والمواطن على قواعد دستورية ديمقراطية يتساوى أمامها الجميع. إن بعض التطورات المحلية المربكة التي سبقت الانتخابات العامة، قد تركت آثارها المحبطة على المواطنين، مما يقتضي بذل جهواً إضافية لاستعادة الثقة بإستمرارية الخيار الديمقراطي وجدية الالتزام الرسمي به.
ثانياً: حماية الوحدة الوطنية والعمل على تجسيدها على أرض الواقع من خلال تحقيق المساواة والتكافؤ بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وتعميق اللحمة الوطنية بين سائر المواطنين بغض النظر عن أصولهم ودونما تمييز بينهم، لقد آن الأوان لتحصين وحدتنا الوطنية وحمايتها من أجواء التشكيك التي رأينا بعض مظاهرها في الأسابيع القليلة الماضية، بعيد الإعلان عن اتفاق المبادئ. فهذا الاتفاق يجب ألّا يكون مبرراً لاستنكاف وإحجام بعض قطاعات المواطنين عن المشاركة في الانتخابات القادمة، إذ ليس هناك ما يمنع هؤلاء المواطنين من ممارسة حقهم الانتخابي كاملاً، إن جميع المواطنين بشتى أصولهم ومنابتهم، لهم مصلحة مشتركة في ترسيخ الديمقراطية وحماية الوحدة الوطنية، ومشاركتهم في الانتخابات العامة هي حق لهم وواجب عليهم.
ثالثاً: إن ما تم التوصل إليه في مسار المفاوضات، سواء على صعيد اتفاق المبادئ الفلسطيني -الإسرائيلي أو على صعيد جدول الأعمال الأردني – الإسرائيلي، لا ينبغي النظر إليه إلا بمقدار ما يشكل خطوة أولى لتحقيق الأهداف العليا للأمة العربية والشعبين الأردني والفلسطيني في استعادة الأرض المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وبسط سيادته على تراب وطنه، إن مسؤوليتنا الوطنية والقومية تملي علينا العمل على زيادة المكاسب العربية والأردنية والفلسطينية، وذلك يقتضي إنهاء وقت التشتت والتشرذم، واستعادة التضامن العربي وتحصين الجبهة العربية أمام مخاطر معركة السلام ومواصلة دعم نضال الشعب الفلسطيني، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي الوحيد، من أجل استعادة حقوقه وتحرير أرضه وتمكينه من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
رابعاً: إن العلاقة بين الشعب الأردني والفلسطيني كانت وستظل علاقة خاصة ومتميزة، تسمو على المصالح الفئوية والآنية والاعتبارات التكتيكية، وسوف تحتل هذه العلاقة أهمية أكبر في المستقبل، عن طريق بلورة شكل مناسب من العلاقة الوحدوية بين شرقي النهر وغربه، عمادها التكافؤ والمساواة ووحدة المصير والأهداف والآمال والمصالح المشتركة.
إن أي تقدم يحرزه الشعب الفلسطيني على طريق تحقيق أهدافه في السيادة على أرضه وعودة أبنائه إلى وطنهم، يجب أن ينظر إليه باعتباره انتصار لنضال الشعبين وخطوة إيجابية على طريق توطيد العلاقة الأردنية – الفلسطينية. ولذلك فإنه لا أساس للحديث المغرض عن حجم دور الأردن ومكانته الإقليمية، ذلك أن الأردن كيان قائم فعلاً منذ أكثر من سبعين عاماً، وله رصيده ودوره القومي المشهود وعلاقاته الدولية الراسخة، ومن هنا فإنني أدعو إلى الإسراع في صياغة العلاقة بين الشعبين الشقيقين على أسس راسخة وحمايتها من أجواء التشكيك والدس والوقيعة.
خامساً: تحقيق الإصلاح والتطوير الإداري للجهاز الحكومي وتعزيز استقلال سلطة القضاء وتحصينه، وتمكينه من أداء دوره كضامن للعدالة ومجسد لسيادة القانون، وهذا يتطلب إخضاع جميع مؤسسات الدولة والمسؤولين فيها للمساءلة والرقابة الشعبية البرلمانية والعمل على محاربة الفساد وملاحقته في جميع صوره وتجلياته، وتكريس مبادئ الدستور القائمة على الفصل بين السلطات الثلاثة، كي تمارس كل سلطة دورها الدستوري كاملاً نصاً وروحاً.
سادساً: العمل على إعداد قانون انتخابي ديمقراطي عصري يحقق مبادئ المساواة بين المواطنين، والتمثيل العادل لمختلف فئات السكان والمناطق، ويضمن للمواطن حرية الترشيح والاقتراع، بيسر وسهولة، ويحفزه على المشاركة في انتخاب ممثليه لمجلس النواب.
سابعاً: إعادة إنهاض الاقتصاد الوطني بالتعاون الخلاق بين مختلف القطاعات الاقتصادية، العام والخاص والتعاوني، وذلك بإفساح المجال أمام القطاع الأهلي لأداء دوره المنشود في البناء الاقتصادي، والارتقاء بدور القطاع الحكومي في التخطيط والتنظيم والرقابة وتوفير الخدمات العامة، وتنفيذ الاستراتيجيات الإنمائية طويلة المدى، إن سياستنا الاقتصادية يجب أن توفر المناخ الصحي لتحفيز النمو الإقتصادي وتشجيع المبادرة الفردية، مع السهر في الوقت نفسه على تحقيق العدالة الاجتماعية وفي توزيع ثمرات النمو والخدمات بين مختلف المناطق والطبقات والعمل على إعادة بناء الطبقة المتوسطة، وهي عماد الاقتصاد الوطني، وتقليص مساحات الفقر والحد من البطالة، وتجفيف ينابيع الجريمة والأمراض الاجتماعية الأخرى.
ثامناً: إيلاء العلم والتعليم والثقافة الاهتمام الأقصى، وهذا يتطلب إصلاح النظام التعليمي، بكافة مراحله ومؤسساته، والنُهوض بالعلِم والمؤسسات العِلمية لِأخذ دورِهِما كاملاً في رَفْدِ الاقتصاد الوطني وتقدُم المجتمع وتَطوُرهِ وتطويره، خاصة في عصرٍ سِمَتُهُ الرئيسية الثورات العلمية التقنية المتلاحقة، باعتبارها عنصر القوة الحاسم في المجتمعات والدول المتقدمة، كما يتطلب النهوض الثقافي لمجتمعنا تكريس حق المواطن في الاطلاع على المعلومات، وإطلاق حرية التعبير والتأليف والنشر ورعاية الإبداع بكافة صوره وأشكاله، ومهننة روابط الفنانين والكتاب والموسيقيين والتشكيليين وتشجيع الشباب المبدعين، ودعوة مؤسسات القطاع الخاص لتدعيم الفعاليات الثقافية، والمساهمة في الأبحاث الخلاقة، ونشر الصناعات ذات الأساس الثقافي.
تاسعاً: إنهاض دور المرأة وذلك بتعزيز مشاركتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتكريس مساواتها بالرجل دستورياً وقانونياً، وتمكينها من أخذ موقعها في الإدارة العليا للسلطة التنفيذية ومجلس الأمة وفي شتى المؤسسات الخاصة والعامة، والعمل على تحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام والكتب المدرسية، باعتبارها المواطن الشريك للرجل في النهوض بمجتمعنا ودفعه إلى الأمام.
عاشراً: العناية بالشباب وتنمية مواهبهم وقدراتهم وتأهيلهم علمياً ومهنياً وفسح كافة المجالات أمامهم من أجل أخذ فرصتهم العادلة في صياغة مستقبلهم وإشراكهم في دفع عجلة التقدم في بلدنا. إن من حق الشباب علينا أن نوفر لهم الثقة بالمستقبل، وأن نهيئ لهم فرص العمل والحياة الكريمة والمشاركة الفعالة.
حادي عشر: تنقية الأجواء العربية من السلبيات التي تفاقمت، خاصة بعد حرب الخليج، كخطوة على طريق إحياء التضامن العربي وبناء التكامل الإقتصادي العربي على أسس أكثر رسوخاً، إن احترام حقوق الإنسان العربي واعتماد التوجهات الديمقراطية هما أولى الركائز القوية للوحدة المنشودة.إن التضامن العربي الإسلامي والتضامن بين أقطار الجنوب (العالم الثالث) عوامل مهمة في إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية، ومن أجل أن تقوم على مبادئ المساواة والتكافؤ والعدالة والمنافع المتبادلة، كي تصبح الأمم المتحدة مظلة دولية لجميع الشعوب في خدمة البشرية وتقدمها وازدهارها.
إن الحقبة التي نعيش، وإن كانت بوادرها باعثة على التشاؤم والقلق، إلا أنها يمكن أن تكون حافزاً لنا لانطلاقة عربية جديدة، إذا ما أصلحنا بيتنا الداخلي وأخذنا بمعادلة متوازنة تنهل مما هو حي في تراثنا وحضارتنا العربية الإسلامية وتتفتح على العالم وعلى المصادر المتجددة للعلم والمعرفة لعصرنا، إننا نريدها معادلة تحمي شخصيتنا وهويتنا العربية دون انغلاق أو تزمت، وتقتبس من حضارة الشعوب الأخرى القيم الإنسانية والإيجابية وتأخذ بمعارف العصر وخبراته وتقنياته دون انبهار أو تقليد أعمى للغرب أو تبعية له.
أخواتي المواطنات، أخواني المواطنين
إنكم أبناء الدائرة الثالثة في محافظة العاصمة بما عرفتم به من وعي وقوة بصيرة تتحملون مسؤولية خاصة في تحقيق هذا البرنامج، الذي أتقدم به إلى كل أبناء الأردن، إلى كل ناخبة وناخب في هذا الوطن، فلنتحمل مسؤوليتنا في حمل راية التغيير والتقدم إلى الأمام.
وَاللهُ سُبحانَهُ وتَعالَى وَلِيُ التَوفِيق
أخوكم
طاهر المصري