المقدمة
شرفني أخي دولة الرئيس طاهر المصري أن أكتب كلمة صدق في حق كتابه هذا.
لا أنوي تحرير مقدمة بالمواصفات التي اعتادها المؤلفون حينما يسندون مهمة تقديم أعمالهم الفك رية إلى من يتوسمون فيهم القدرة المعنوية والبارعة في إقناع ء اّ القر بالإقبال والإفادة من المنتوج الفكري المقترح عليهم.
يبدو لي بعد الاطلاع على فحوى هذا العمل، أنني أتصفح كتبا في كتاب القضايا المبسوطة بأسلوب سلس، واضح ودقيق، يصل بيسر إلى خاصة الناس وعامتهم.فالكاتب، كما نعلم، فاعل سياسي ورجل دولة من الطبقة الرفيعة، ارتقى ذروة المسؤوليات وتقلد أسمى المناصب في المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، أكسبته خبرة مثلما أتاحت له تجريب وتطبيق قناعاته وتصوارته، اقتضت منه وعلمته أن
يكون دقيقا في التعبير، واضحا في أفكاره. ولا عجب في ذلك، فدولة الرئيس، ذو خلفية علمية في دارسته العليا ” وهو سليل بيت
آل المصري" المعروفين بالعلم والنضال القومي وروح الوطنية الارسخة.
وما أثارني حقا وأعجبني في أغلب أجازء هذا الكتاب، سمتان متلازمتان أتصور أنهما الجأرة والشجاعة الفكرية والاعتدال في المواقف والصدق في القول، دون إكاره أو ممارسة تأثير خادع على القارئ لحمله على تصديق ما قد لا يروقه أو يجده صادما لما ترسخ في ذهنه واستقر في وجدانه.
ما ينادي به المؤلف ويبسطه بمهارة بين الناس لا ينازح بعيدا عن جوهر اهتمام الأطياف والنخب السياسية والفكرية، وكذلك القوى الاجتماعية النشطة في الأردن أولا والوطن العربي ثانيا.
إن أي فاعل سياسي منخرط في الشأن العام، وخاصة إذا كان من طينة، طاهر المصري وفي مستوى مقامه، لجدير بأن ط لَ سُ ت عليه أنظار الأري العام، يتتبع خطواته ويمحص أفكاره.فقد بوأه مواطنوه صدارة التعبير عن تطلعاتهم وانتظاارتهم وسلموا بعض أمرهم إليه، والإنابة عنهم.
تدهشني في كتاب رئيس مجلس الأعيان الأسبق، قدرته الفائقة على المازوجة بين الأسلوب الدبلوماسي، بما يحتويه من إيماءات ورموز وتعبير بالإشارة، وبين لغة أخرى واضحة وصريحة بل مباشرة لا تخلو من نبرة النصيحة والموعظة .يتوسل بها المؤلف أحيانا حين يرتدى زي الداعي المتحمس إلى إصلاح المجتمع وتحديثه، وتبصير المواطنين بالقيم الأصيلة التي يتوجب عليهم التشبث بها، لتعميق وحدتهم وتنظيم عيشهم المشترك
فوق أرض الوطن الواحد الموحد، مستندين على ميثاق التسامح والحوار ومستلهمين مرجعية القيم الوطنية النبيلة.
وأنا أقرأ بعض مواضيع الكتاب، كنت أستحضر في ذهني صورة المؤلف الدبلوماسية، وقد مثل بلاده أولا في أهم العواصم الغربية، ولما يتجاوز الثلاثين من العمر إلا بقليل؛ ما ينم عن ثقة مبكرة في مؤهلاته ونباهته، وعمق فكره واستيعابه السريع لطبيعة العلاقات الدولية المعقدة المتقلبة الأطوار على مدار الأيام وتوالي الحقب، لا سيما وأن دولة الرئيس، ل َّ مث بلدا في الخارج شاءت له الأقدار السياسية أن يكون في قلب ومعترك الأحداث العاصفة والتحولات العميقة التي مرت على المنطقة العربية، وما ازلت تداعياتها جاثمة على الصدور.
وهناك ملمح إنساني في هذا الكتاب الطافح بالود الإنساني والإنصاف والاعتارف بالفضل حيال أناس عاشرهم وقاسمهم ذات الأهداف؛ بعضهم رحل عن دنيانا ومنهم من لا ازل وفيا لنفس النهج القويم الذي ارتضاه المؤلف. عن هؤلاء وأولائك، يقدم المؤلف شهادات صادقة وصوار مفعمة بمشاعر التقدير والثناء جارء ما أسدوه للوطن من خدمات مميزة.
وفي تقديري فإن هذا الجزء من الكتاب لن يفقد قيمته بمرور الزمن وتباعد المسافة بينه وبين المناسبة والسياق الذي قيل فيهما. فمضمون تلك الخطابات، دروس متجددة في الوطنية وفي الأخلاق التي ينبغي أن يأخذها الخلف عن السلف. وبالتالي فإني أعتبر هذا ز ّ الحي من الكتاب رسالة إلى شباب يستحث المؤلف همهم ويستفز غيرتهم الوطنية والقومية وينير لهم معالم الطريق.
وفي هذا السياق، لا يفوتني الإشارة إلى تنبيه المؤلف بل تحذيره من الأجواء التي باتت مهددة لاستقارر مجتمعاتنا العربية، آجلا وعاجلا، من انتشار فكر ظلامي متشدد، يستغل جهل الناس وخصاصهم الاجتماعية وضائقاتهم المادية.
هذا الوباء الذي يشخصه ويتصدى له الكاتب، في ثنايا بعض المقالات بشجاعة وثقة في النفس والمـــارهنة على حكمة الأمة، دون تعال منه أو ركوب للموجات أو افتعال للبطولة.إن، طاهر يخاطب من لا يتعظ ، المصري بالموعظة الحسنة والذهن المستنير والصدر الرحب، وبالتفاؤل في المستقبل.
ولا أعتقد أنه حرر وجمع كتابه هذا ليدرج اسمه بين المؤلفين، فهو علم في وطنه وخارجه.أظن أنه يوجه إلينا رسالة واضحة عن فضائل الوطنية والتفاني في خدمة الشأن والصالح العام. محمد بن عيسى الأمين العام-مؤسسة منتدى أصيلة وزير الخارجية والتعاون سابقا المملكة المغربية 2016 حزيارن