Image
Image

لجنة الحوار الوطني: مهام ومسؤوليات

ألقيت هذه المحاضرة في مركز الرأي للدراسات (جريدة الرأي) بتاريخ 13/4/2011 لشرح مهام ومسؤوليات لجنة الحوار الوطني التي أدارت حواراً وطنياً شاملاً عاماً وشملت جميع أطياف المجتمع وخرجت بوثيقة شاملة، علماً أن هذه اللجنة بدأت مهامها مع بداية الربيع العربي.

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، واسمحوا لي ابتداءً أن أتقدم من الأخوة القائمين على مركز الرأي للدراسات بالشكر والتقدير، على مبادرتهم في الدعوة لهذا اللقاء، والذي أعتبره مطلوباً ومفيداً، في إطار الحوار الوطني الدائر حالياً حول المهام الوطنية التي تنهض بها لجنة الحوار الوطني، التي أتشــرف برئاستها، فباسم اللجنة الموقرة شكراً للحضور الكريم، وللمركز العتيد على هذه المبادرة الهادفة، وبعد...فقد يكون من المفيد وكمقدمة لحوارنا هذا، أن أعرض الإطار العام لعمل لجنة الحوار الوطني، فهي لجنة وطنية تضم كافة أطياف المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، باستثناء طيف سياسي واحد محترم، هو حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يقاطع ممثلوه اجتماعات اللجنة، في وقت كنت وزملائي وزميلاتي الأعضاء نرغب ونحرص وما زلنا، على مشاركتهم، باعتبار أننا جميعاً نتصدى لمهمة وطنية غاية في الأهمية، وبالتالي فإن مشاركتهم ستكون مفيدة ومهمة.

 

تعمل لجنة الحوار الوطني على إدارة حوار وطني حول كافة التشريعات المتعلقة بمنظومة العمل السياسي، بهدف إيجاد مسيرة حزبية ديمقراطية متقدمة وتشكيل حكومات برلمانية عمادها الأحزاب، ومن أجل ذلك تعمل على اقتراح مشروعي قانونين للانتخاب وللأحزاب، وأية تعديلات دستورية ضرورية لهذه الغاية، واللجنة تملك حق البحث في أية تشريعات ذات صلة بهذا الهدف.

 

وقد انقسمت اللجنة إلى لجان ثلاثة، الأولى للديباجة أو المقدمة، ويرأسها معالي الأخ الدكتور رجائي المعشر، والثانية لقانون الانتخاب، ويرأسها معالي الأخ عبد الكريم الدغمي، والثالثة لقانون الأحزاب، ويرأسها سعادة الأخ مروان الفاعوري.

 

ولقد تلقت اللجنة عبر رئاستها رسالة ملكية سامية، وتشرفت بمقابلة جلالة الملك المعظم، حيث أكد جلالته وغير مرة، حرصه على تحقيق الإصلاح السياسي في إطار منهجية الإصلاح الشامل، مثلما أكد دعمه الكامل للجنة، لا بل ذهب جلالته إلى أبعد من ذلك عندما أكد أنه الضامن لتحقيق مخرجات عملها.

 

في إطار هذه الإرادة الوطنية الشاملة، الساعية من أجل المراجعة والإصلاح،  وفي إطار هذا الدعم الملكي المشكور والمقدر، تعمل لجنة الحوار الوطني، وبأسلوب موضوعي مثابر يُغلب منطق الحكمة والتعمق، ولكن دونما إبطاء أو مماطلة، فنحن ندرك حاجة الوطن الملحة، إلى اعتماد عملية إصلاح شاملة وكبرى، ونحن ندرك أن مهمتنا وطنية وذات أهمية بالغة، وبالتالي فإن مسؤوليتنا كبيرة لإنجاز مشروع إصلاح سياسي شامل، يقود بلدنا نحو المزيد من الديمقراطية، ونحو بناء أسس مكينةٍ لمجتمع ديمقراطي يحقق الحرية والعدالة والمساواة لجميع أفراده، مجتمع يملك الكثير من المحفزات والمبررات القوية، لاستنهاض همم كل أبنائه وبناته، نحو مشاركة مجتمعية شاملة أكبر وأعمق في سائر مفاصل الأداء العام للدولة، واندفاع شعبي إيجابي شامل، نحو بناء الدولة العصرية القادرة على النهوض ومجابهة التحديات، وبمعزل تام عن كل الهواجس والمخاوف والقوالب الجامدة التي تعيق عجلة التطور، أوهي تُسهم في اضطراب العلاقة الوجدانية الأخوية بين أعضاء العائلة الأردنية الواحدة الكبيرة.

 

ندرك جميعاً أسباب التباطؤ في تقدم مسيرتنا، في وقت نشهد فيه تطوراً وتغيراً هائلاً وأحداثاً كبرى تجتاح العالم كله، من أقصاه إلى أقصاه، وفي منطقتنا العربية بشكل خاص، وندرك وبإخلاص، حاجتنا الماسة إلى التناغم مع هذا الطوفان الهائل الذي لا يترك فرصة حتى لالتقاط الأنفاس، وتتجلى في ضوء ذلك، مُتطلبات مصلحتنا الوطنية العليا، ومصالح شعبنا بما في ذلك أمور حياته اليومية، وسط حالة من الفقر والتراجع الاقتصادي المتزامن مع ثورة كونيةٍ هائلة في عالم الإعلام والاتصالات، وبصورة جعلت العالم بمجموعه، ليس قرية صغيرةً كما يُـقال وإنما أشبه ما يكون بصالون جلوس واحد "إن صح التعبير"،  وعلى نحو يجعل من كل فرد في المجتمع "أي مجتمع"، مراقبا وبالكامل لكل الحركات والسكنات، ومتأثراً مباشرة إيجابيا أو سلبياً، بالحدث أياً كان نوعه، وهذا يعني وبوضوح، أننا وكأي مجتمع آخر على هذا الكوكب، لم نعد قادرين في أوساط النخب ودوائر صنع القرار، على غض الطرف تحت أي مبرر عن أمور كثيرة لابد من مواجهتها بشجاعة وعمق وموضوعية ونياتٍ سليمة.

 

وهنا وفي بلدنا الغالي، يقفز المشهد أمامنا صباح مساء، حيث الحاجة الماسة لإصلاح ينادي به الجميـــع، وفي المقدمة منهم جلالة الملك المعظم، وهو مشهد يدعونا نحن الجالسين في ثنايا ذلك المشهد، وأعني بذلك النخب ومن لديهم صفة التمثيل المجتمعي، وسائر حلقات القرار وأصحاب الرؤى والفكر والاجتهاد، لأَن نواجه واجباتنا بأمانةٍ، وسموٍ في التفكيرِ، وبُـعدٍ في النظر، للمساهمة في وضع الأمور في سياقها الصحيح الذي يُحّصن بلدنا في وجه الأعباء والمخاطر والتحديات، على كثرتها، وربما على بشاعتها أحياناً.

وعليه فإن من واجبنا كما أعتقد، إرساء الأسس السليمة والقوية، القادرة على تعظيم وحدتنا الوطنية، باعتبارها قيمة وطنية سامية، في إطار الهوية الوطنية الجامعة، التي تكفل حقوق المواطنة وواجباتها معا، تجمع ولا تفرق، وعلى أسس مفهوم الأمن الوطني الشامل لأردن مستقر آمن، بفضل الله أولاً، ثم بعطاء شعبه وقيادته ومؤسساته، وعلى نحو يُجسد الانتماء الوطني الوجداني المعبر باللفظ والممارسة على حد سواء، والولاء لله أولاً، ثم للوطن الواحد، ولمؤسسة العرش الهاشمي المحترم.

 

ومن المؤكد حضرات الأعزاء، أن ذلك ليس بالأمر المستحيل أو الصعب المنال، وإنما هو ممكن ومتاح وسهل المنال، عبر نوايا سليمة تؤسسُ وبطموح مشروع، لمنظومةٍ تشريعية متكاملة، كفيلة بتحقيق هذا الهدف السامي والكبير، منظومة عصرية متطورة تنزع من بين الصفوف، كل الهواجس والحسابات التي تفعل فعلها السيء في شق الصف، وتعطيل المسيرة والمسار، منظومة تحدد واجب الجميع، وتنير الطريق للجميع، ولا تترك للشكوك والاستنتاجات الخاطئة مجالاً للنفاذ إلى هذا الصف، منظــومة تسمو بقيم النزاهة والعدالة والشفافية ونبذ الفساد والشللية والمحسوبية، وما إلى ذلك من أخطار، وتوفر البيئات الخصبة لنهوض سياسي واقتصادي واجتماعي شامل ينعكس إيجابيا على حياة الإنسان الأردني بعامة، ويقيناً، فإن ما نحن بصدده في لجنة الحوار الوطني، يندرج تماماً فـــي إطار هذا المسعـــى الوطني الشريف، ونحن بالضرورة، بأمسِّ الحاجة إلى دعم ومؤازرة كل أصحـــاب العقول النيرة، والنيات الخيرة، والرؤى الصائبة السديدة، حتى يكون اجتهادنا الأقرب إلى الصواب، وبما يعالج سائر مواطن الخلل، ويحقق الأهداف الكبيرة التي نعمل جميعا من أجلها.

 

أشكركم ثانية، وأعتذر إن كنت أطلت، وهي إطالة قد تبدو مشروعهْ، خاصة لأهمية الموضوع المطروح للنقاش، وأدعو الله أن يوفقنا في مسعانا، وأن يحفظ بلدنا من كل سوء تحت ظل قيادته الهاشمية الكريمة.

 

 

 

Term of use | Privacy Policy | Disclaimer | Accessibility Help | RSS

eMail: info@tahermasri.com Tel: 00962 65900000

Copyright @ 2015 Taher AlMasri the official web site, All Right Reserved

Image